.صدور الطبعة الثالثة
لكتاب
ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب
دار توبقال ـ الدار البيضاء، فبراير 2014.
ولم أقدمْ، بعدها، على إصدار طبعة جديدة. ما كنتُ قمتُ به، بين نهاية الثمانينيات ومفتتح التسعينيات، من نشر عمَلي عن الشعْر العربيّ الحديث، وهو يتبع منهجَ الشعرية النقدية، أبْعدني عن إعادة نشر الكتاب. ثم إنّ لي معه شجوناً، فما نلتُه بسببه في المغرب لم تُشفَ جروحُه حتى الآن. ولربما كان منْ دواعي عدم التفاهم تصريحُ الدراسة برؤية العالم التي تبلورتْ في الشعر المغربيّ المُعاصر من خلال "بنية السقوط والانتظار". كانَ المنهجُ جديداً، مفتوحاً على مفاهيم غير مُتداولة في الثقافة العربية آنذاك، وبتقديري أنّ المفاجأة بهذا التصريح كانت طبيعية. لذلك كنتُ أريد أنْ أنسى هذا الكتابَ وأتوجّه نحو أعمال قادمَة. ولكن المستفيدين منه ظلوا حاضرين، والطلبَ استمرّ مع السنوات، واستمرّ الباحثون عنه يتّصلون أوْ يسألون. وهو ما يدْفعُني لأقول إن الكتابَ ليس في ملْكية مؤلفه، بل في ملْكية قرائه. فهُم الذين قدّروا ما جاء به هذا الكتابُ من جديد في الثقافة العربية وهُم الذين أعطوْه منزلتَه التي عَثر عليها في نفوسهم وأعمالهم. فإليهم أتوجّه بالتحية على ما منحُوني من قدرة على مُواصلة العمل. وها أنا الآن، بعد أكثر من ثلاثين سنة على صدور الطبعة الأولى، أقدمُ على إصْدار طبعة جديدة. بهيبةٍ أعيد اليوم نشرَ الكتاب، لأنّ هناك معطياتٍ عديدةً تغيرتْ كما تغيرتْ قناعاتٌ نظريةٌ ومنهجيّة.
هذه الطبعة الثالثة وفيةٌ للأولى في جميع الخصائص المعرفية. لمْ أدخلْ على منْهجها ولا على نُصوصها أوْ صياغتها أيَّ تعديل أو تغيير. وما قمتُ به يبقَى في حدود تنظيفِ الكتاب منْ أخطائه التقنيّة، واستدراكِ بعض النّواقص المتعلقة أحياناً باضْطراب وقُصور العبَارة أو تكْرار ما لا فَائدة في تكْراره.
محمد بنّيس
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire